قرأ أبو جعفر وعاصم في رواية الأعشى عن أبي بكر بترك كل همزة ساكنة مثل يُؤْمِنُونَ ويَأْكُلُونَ ويُؤْتُونَ وبِئْسَ ونحوها ويتركان كثيرا من المتحركة مثل يُؤَدِّهِ ولا يُؤاخِذُكُمُ ويُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ ومذهب أبي جعفر فيه تفصيل يطول ذكره وأما أبو عمرو فيترك كل همزة ساكنة إلا أن يكون سكونها علامة للجزم مثل ننسئها وتَسُؤْكُمْ ويُهَيِّئْ لَكُمْ ومَنْ يَشَأِ ويُنَبِّئُهُمُ واقْرَأْ كِتابَكَ ونحوها فإنه لا يترك الهمزة فيها وروي عنه الهمزة أيضا في الساكنة وأما نافع فيترك كل همزة ساكنة ومتحركة إذا كانت فاء من الفعل نحو يُؤْمِنُونَ ولا يُؤاخِذُكُمُ واختلفت قراءة الكسائي وحمزة ولكل واحد منهم مذهب فيه يطول ذكره فالهمز على الأصل وتركه للتخفيف. (انظر: البقره، ۳)
كَانَ نَافِع وَابْن كثير وَعَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ يهمزون يُؤمنُونَ وَمَا أشبه ذَلِك مثل يَأْكُلُون الْبَقَرَة ١٧٤ ويأمرون آل عمرَان ٢١ ويُؤْتونَ الْمَائِدَة ٥٥ سَاكِنة كَانَت الْهمزَة أَو متحركة مثل ويؤخركم إِبْرَاهِيم ١٠ ويؤده آل عمرَان ٧٥ إِلَّا أَن حَمْزَة كَانَ يسْتَحبّ ترك الْهَمْز فِي الْقُرْآن كُله إِذا أَرَادَ أَن يقف وَالْبَاقُونَ يقفون بِالْهَمْز كَمَا يصلونَ.
وروى ورش عَن نَافِع ترك الْهَمْز السَّاكِن فِي مثل يُؤمنُونَ وَمَا أشبه ذَلِك وَكَذَلِكَ المتحرك مثل ويؤخركم ولَا يُؤَاخِذكُم الْبَقَرَة ٢٢٥ ويؤده وَمَا كَانَ مثله.
وَأما أَبُو عَمْرو فَكَانَ إِذا أدرج الْقِرَاءَة أَو قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يهمز كل همزَة سَاكِنة مثل يومنون ويومن الْبَقَرَة ٢٣٢ وياخذون الْأَعْرَاف ١٦٩ وَمَا أشبه ذَلِك وَقَالَ أَبُو شُعَيْب السُّوسِي عَن اليزيدي عَن أبي عَمْرو إِنَّه كَانَ إِذا قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يهمز كل همزَة سَاكِنة إِلَّا أَنه كَانَ يهمز حروفا من السواكن بِأَعْيَانِهَا أذكرها فِي موَاضعهَا إِذا مَرَرْت بهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَإِذا كَانَ سُكُون الْهمزَة عَلامَة للجزم لم يتْرك همزها مثل أَو ننسأها الْبَقَرَة ١٠٦ وتَسُؤْكُمْ الْمَائِدَة ١٠١ وهيئ لنا الْكَهْف ١٠ واقْرَأ كتابك الْإِسْرَاء ١٤ ويهيئ لكم الْكَهْف ١٦ وَمن يَشَأْ يَجعله الْأَنْعَام ٣٩ ونبئهم الْحجر ٥١ وَمَا أشبه ذَلِك. --السبعة فی القرائات، صص۱۳۲- ۱۳۳-- وروى الشموني مُحَمَّد بن حبيب عَن الْأَعْشَى عَن أبي بكر عَن عَاصِم أَنه لم يكن يهمز الْهمزَة الساكنة مثل يومنون وَمَا أشبههَا من السواكن. قَالَ أَبُو بكر حَدثنِي مُحَمَّد بن عِيسَى بن حَيَّان قَالَ حَدثنَا أَبُو هِشَام قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف الْأَعْشَى يقْرَأ على أبي بكر فهمز يُؤمنُونَ وَحدثنَا ابْن حَيَّان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد أَبُو هِشَام عَن سليم عَن حَمْزَة أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يكن يهمز. --السبعة فی القرائات، ص۱۳۳--
و وَاخْتلفُوا فِي قَوْله بِالْهدى فَكَانَ نَافِع لَا يفتح ذَوَات الْيَاء وَلَا يكسر مثل قَوْله الْهدى والْهوى النِّسَاء ١٣٥ والْعمي فصلت ١٧ واسْتَوَى الْبَقَرَة ٢٩ وَأعْطى . . وأكدى النَّجْم ٣٤ وَمَا أشبه ذَلِك. كَانَت قِرَاءَته وسطا فِي ذَلِك كُله. وَكَذَلِكَ يحيي ومُوسَى وعِيسَى والْأُنْثَى ولليسرى وللعسرى و رءا و نئا. وَقَالَ الْمسَيبِي كَانَ نَافِع يفتح ذَلِك كُله. وَالْأول قَول قالون وورش عَن نَافِع. وَكَانَ ابْن كثير يفتح ذَلِك كُله مثل نَافِع.وَأما أَبُو عَمْرو فَكَانَ يقْرَأ من ذَلِك مَا كَانَ فِي رُءُوس الْآي بَين الْكسر وَالْفَتْح مثل آيَات سُورَة طه والنجم وعبس وَتَوَلَّى وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذا يغشى وَالشَّمْس وَضُحَاهَا . . ودحاها . . وطحاها فَإِذا لم يكن رَأس آيَة فتح مثل قضى أَجَلًا الْأَنْعَام ٢ والْهدى واسْتَوَى إِلَى السَّمَاء الْبَقَرَة ٢٩ وأزكى لكم الْبَقَرَة ٢٣٢ وفسواهن الْبَقَرَة ٢٩ وأَحْيَا فَإِنَّهُ بِالْفَتْح كُله. وَإِذا كَانَ اسْما مؤنثا على وزن فعلى مثل ذكرى الْأَنْعَام ٦٨ وضيزى النَّجْم ٢٢ أَو فعلى مثل الدُّنْيَا الْبَقَرَة ٨٥ ولليسرى الْأَعْلَى ٨ اَوْ فعلى مثل شَتَّى طه ٥٣ وَمَا أشبه ذَلِك فَهُوَ بَين الْكسر وَالْفَتْح. وَإِذا كَانَت رَاء بعْدهَا همزَة وَبعد الْهمزَة يَاء كسر الْهمزَة وَفتح الرَّاء مثل رءاكوكبا الْأَنْعَام ٧٦ ورأى أَيْديهم هود ٧٠. وَإِذا جَاءَت رَاء بعْدهَا يَاء كسر الرَّاء مثل فَهَل ترى الحاقة ٨ وَيرى والنصرى وَأرى. فَإِذا سَقَطت الْيَاء فِي الْوَصْل لساكن لقيها لم يمل الرَّاء مثل حَتَّى نرى الله جهرة الْبَقَرَة ٥٥ والنَّصَارَى الْمَسِيح التَّوْبَة ٣٠ وترى الَّذين الزمر ٦٠ لِأَن الإمالة إِنَّمَا كَانَت من أجل الْيَاء فَلَمَّا زَالَت الْيَاء زَالَت الإمالة. وروى عَبَّاس بن الْفضل وَعبد الْوَارِث عَن أبي عَمْرو إمالة ذَلِك كُله وَإِن سَقَطت الْيَاء وَالْمَعْرُوف عَنهُ ترك الإمالة فِي مثل حَتَّى نرى الله.
وَكَانَ أَبُو بكر يروي عَن عَاصِم فتح ذَلِك كُله إِلَّا رءا ورمى و رءاه و نئا فِي سُورَة بني إسراءيل آيَة ٨٣ وَفتح نئا الَّتِي فِي السَّجْدَة ويميل أعمى فِي الْإِسْرَاء ٧٢ وَفِي كل الْقُرْآن. فَإِذا سَقَطت الْيَاء فِي الْوَصْل لساكن لقيها أمال وَالرَّاء وَفتح الْهمزَة مثل رءا الْقَمَر الْأَنْعَام ٧٧ و رءا الشَّمْس الْأَنْعَام ٧٨. وروى خلف عَن يحيى بن آدم عَن أبي بكر عَن عَاصِم أَنه كَانَ يمِيل الرَّاء والهمزة من قَوْله رءا الشَّمْس و رءا الْقَمَر و رءا الَّذين ظلمُوا النَّحْل ٨٥ وَمَا كَانَ مثله. وَكَانَ غير خلف يروي عَن يحيى عَن أبي بكر عَن عَاصِم ذَلِك كُله بِفَتْح الْهمزَة بعد كسرة الرَّاء مثل حَمْزَة. وَأما حَفْص فَكَانَ يفتح فِي رِوَايَته عَن عَاصِم ذَلِك كُله وَلَا يمِيل إِلَّا مجْراهَا هود ٤١ فَإِنَّهُ أمالها. --السبعة فی القرائات، صص ۱۴۵- ۱۴۶--
وَكَانَ حَمْزَة يمِيل ذَوَات الْيَاء مثل أعْطى وَاتَّقَى اللَّيْل ٥ واسْتَوَى وَمَا أشبه ذَلِك وأمات وَأَحْيَا النَّجْم ٤٤ وَلَا يمِيل أَحْيَا وَلَا أحياكم إِلَّا إِذا كَانَ قبل الْفِعْل وَاو ويميل عِيسَى ومُوسَى ويحيي وَلَا يمِيل ذَوَات الْوَاو مثل قَوْله وَاللَّيْل إِذا سجى الضُّحَى ٢ ودحاها النازعات ٣٠ وطحاها الشَّمْس ٦ وتَلَاهَا الشَّمْس ٢ ويميل ذَلِكُم أزكى لكم والْأَعْلَى وكل فعل من ذَوَات الْوَاو زيد فِي أَوله ألف فَإِنَّهُ يميله.
وَكَانَ الْكسَائي يمِيل ذَلِك كُله ويميل فأحياكم وأمات وَأَحْيَا ويميل ذَوَات الْوَاو إِذا كن مَعَ ذَوَات الْيَاء فِي مثل سُورَة وَالشَّمْس وَضُحَاهَا وَسورَة الضُّحَى لَا يفتح مِنْهُمَا شَيْئا وَكَذَلِكَ دحها.واتفقنا يَعْنِي حَمْزَة وَالْكسَائِيّ على ترك الإمالة فِي قَوْله تَعَالَى ثمَّ دنا النَّجْم ٨ ومَا زكا مِنْكُم النُّور ٢١ ودَعَا آل عمرَان ٣٨ وعَفا الْبَقَرَة ١٨٧ وَمَا أشبه ذَلِك. وَابْن عَامر يفتح ذَلِك كُله. --السبعة فی القرائات، ۱۴۷--