قرأ حمزة بضم الهاء من ذلك وفي أيديهم وإليهم حيث وقع.
وقرأ يعقوب بضم كل هاء قبلها ياء ساكنة في التثنية وجمع المذكر والمؤنث، نحو عليهما وفيهما، عليهن وفيهن وضمّ ميم الجمع ووصلها بواو في اللفظ ابن كثير وأبو جعفر. وعن نافع فيه خلاف كثير. وعن غيره لا نطول بذكره، وهو مذكور في كتب القراءات. (انظر: الفاتحه، ۷)
حجّت
فمن قرأ بكسر الهاء وإسكان الميم قال: إنه أمن من اللبس إذا كانت الألف في التثنية قد دلت على الاثنين ولا ميم في الواحد، فلما لزمت الميم الجمع حذفوا الواو وأسكنوا الميم طلباً للتخفيف. وحجة من قرأ عليهُم انهم قالوا ضم الهاء هو الأصل لأن الهاء إذا انفردت من حرف متصلٍ بها قيل: هم فعلوا ومن ضم الميم إذا لقيها ساكن بعد الهاء المكسورة قال: لمّا احتجت إلى الحركة رددت الحرف إلى أصله فضممت وتركت الهاء على كسرتها، لأنه لم تأت ضرورة تحوج إلى ردها إلى الأصل ومن كسر الميم فالساكن الذي لقيها، والهاء مكسورة ثم اتبع الكسرة الكسرة. (انظر: الفاتحه، ۷)
{قرأ} حَمْزَة عَلَيْهِم و إِلَيْهِم و لديهم بِضَم الْهَاء وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا ابْن كثير وقالون بِخِلَاف عَنهُ يضمان الميم الَّتِي للْجمع ويصلانها بواو مَعَ الْهمزَة وَغَيرهَا نَحْو: عليهمو، ءانذرتهمو، ام لم تنذرهمو، وَشبهه وورش يضمها ويصلها مَعَ الْهمزَة فَقَط وَالْبَاقُونَ يسكنونها حَمْزَة وَالْكسَائِيّ يضمان الْهَاء وَالْمِيم اذا كَانَ قبل الْهَاء كسرة اَوْ يَاء سَاكِنة وأتى بعد الْمِيم الف وصل نَحْو عَلَيْهِم الذلة و بهم الْأَسْبَاب وَ شبهه وَذَلِكَ فِي حَال الْوَصْل فان وَقفا على الْمِيم كسرا الْهَاء وسكنا الْمِيم وَحَمْزَة على اصله فِي الْكَلم الثُّلُث الْمُتَقَدّمَة يضم الْهَاء مِنْهُنَّ على كل حَال وابو عَمْرو يكسر الْهَاء وَالْمِيم فِي ذَلِك كُله فِي حَال الْوَصْل ايضا وَالْبَاقُونَ يكسرون الْهَاء ويضمون الْمِيم فِيهِ وَلَا خلاف بَين الْجَمَاعَة ان الْمِيم فِي جَمِيع مَا تقدم سَاكِنة فِي الْوَقْف.
(التیسیر فی القرائات السبع، ص۲۷)
اختلفوا في قوله عليهم فقرأ عليهم بضم الهاء حمزة وكذلك إليهم ولديهم هذه الثلاثة الأحرف بالضم وإسكان الميم وقرأ الباقون عليهم وأخواتها بكسر الهاء. الاختلاف في صلة ميم الجمع بواو وفي ضم ضمير الهاء قبلها وكسره .
واختلفوا في الميم فكان ابن كثير يصل الميم بواو انضمت الهاء قبلها أو انكسرت فيقول عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين (فاتحة الكتاب ۷) وعلى قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشوة (البقرة ۷) واختلفوا عن نافع في الميم فقال إسماعيل بن جعفر وابن جماز وقالون والمسيبي الهاء مكسورة والميم مرفوعة أو منجزمة أنت فيها مخير وقال أحمد بن قالون عن أبيه كان نافع لا يعيب رفع الميم فهذا يدل على أن قراءته كانت بالإسكان والذي قرأت بالإسكان وقال ورش الهاء مكسورة والميم موقوفة إلا أن تلقاها ألف أصلية فإذا لقيتها ألف أصلية وصلت الميم بواو في الوصل مثل قوله سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (البقرة ۶) وكان أبو عمرو وعاصم وابن عامر والكسائي يكسرون الهاء ويسكنون الميم فإذا لقى الميم حرف ساكن اختلفوا فكان عاصم ونافع وابن كثير وابن عامر يمضون على كسر الهاء ويضمون الميم إذا لقيها ساكن مثل قوله عليهم الذلة (البقرة ۶۱) ومن دونهم امرأتين (القصص ۲۳) وما أشبه ذلك وكان أبو عمرو يكسر الهاء أيضا ويكسر الميم فيقول عليهم الذلة وإليهم اثنين (يس ۱۴) وما أشبه ذلك وكان حمزة والكسائي يضمان الميم والهاء معا فيقولان عليهم الذلة ومن دونهم امرأتين وما أشبه ذلك وكل هذا الاختلاف في كسر الهاء وضمها إنما هو في الهاء التي قبلها كسرة أو ياء ساكنة فإذا جاوزت هذين لم يكن في الهاء إلا الضم وإذا لم يكن قبل الميم هاء قبلها كسرة أو ياء ساكنة لم يجز فيها إلا الضم أو التسكين مثل قوله منكم وأنتم .--السبعة فی القرائات، ص۱۰۸--
حجّت
فأما من كسر الهاء ووصل الميم بواو وهو قول ابن كثير ونافع في أحد قوليه فإنه استثقل ضمة الهاء بعد الياء فأتى بالكسرة لأن الكسرة من جنس الياء والهاء مؤاخية للياء لأن الهاء قد تقع في موقع الياء في بعض القوافي وهي حرف خفي فأتبعوا الياء الكسرة في الهاء وأتوا بالميم موصولة بواو الجمع لأنه أصل الكلمة ألا ترى أنك إذا ثنيت الهاء قلت عليهما فأتيت بألف التثنية كذلك إذا جمعت قلت عليهمو فأتيت بواو الجمع كما تقول قام وقاما وقاموا وأما من كسر الهاء وأسكن الميم وهو قول عاصم وأبي عمرو وابن عامر والكسائي فإنهم أمنوا اللبس إذ كانت الألف في التثنية قد دلت على الاثنين ولا ميم في الواحد فلما لزمت الميم الجمع حذفوا الواو وأسكنوا الميم طلبا للتخفيف إذ كان لا يشكل وأما الضمة في الهاء من عليهم وهو قول حمزة فهي أصل الهاء لأنها إذا ابتدأت كانت مضمومة كقولك هم فتركت على حالها وأما من ترك الهاء مكسورة وضم الميم عند لقائها الساكن فلأن الميم لا بد من حركتها للساكن الذي لقيها فردت لما احتيج إلى حركتها إلى أصل قد كان لها وهو الضم وتركوا الهاء على حال كسرها إذ لم تدعهم إلى ردها إلى الأصل ضرورة كما دعت إلى ضم الميم ولأن الهاء إنما تبعت الياء لأنها شبهت بها ولم تتبعها الميم لبعدها منها والذين كسروا الميم للساكن الذي لقيها والهاء مكسورة فإنهم أتبعوا الكسر الكسر لثقل الضم بعد الكسر كما استثقلوا ضمة الهاء بعد الكسر كذلك استثقلوا ضمة الميم بعد كسرة الهاء وأما من كسر الهاء إذا لم يلق الميم ساكن وضمها إذا لقي الميم ساكن وهو قول الكسائي فإنه لما رد الميم إلى أصلها رد الهاء أيضا إلى أصلها وأتبع الضم الضم استثقالا للخروج من الكسر إلى الضم وأما حمزة في قوله في ضم الهاء من عليهم وإليهم ولديهم فإنه إذا جاوز هذه الثلاثة الأحرف ولقي الهاء والميم ساكن ضمهما فإذا لم يلق الميم ساكن كسر الهاء فيقول ومن يولهم يومئذ (الأنفال ۱۶) بربهم يعدلون (الأنعام ۱) ومثل الساكن عن قبلتهم التي (البقرة ۱۴۲) وإنما خص حمزة هذه الأحرف الثلاثة بالضم أعني عليهم ولديهم وإليهم من بين سائر الحروف لأنهن إذا وليهن ظاهر صارت ياءاتهن ألفات ولا يجوز كسر الهاء إذا كان قبلها ألف فعامل الهاء مع المكنى معاملة الظاهر إذ كان ما قبل الهاء إذا صار ألفا لم يجز كسر الهاء ولو كان مكان الهاء والميم كاف وميم لم يجز كسرهما إلا في لغة قليلة لا تدخل في القراءة لبعد الكاف من الياء . --السبعة فی القرائات، صص ۱۰۹-۱۱۲--