قرأ أبو جعفر وعاصم في رواية الأعشى عن أبي بكر بترك كل همزة ساكنة مثل يُؤْمِنُونَ ويَأْكُلُونَ ويُؤْتُونَ وبِئْسَ ونحوها ويتركان كثيرا من المتحركة مثل يُؤَدِّهِ ولا يُؤاخِذُكُمُ ويُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ ومذهب أبي جعفر فيه تفصيل يطول ذكره وأما أبو عمرو فيترك كل همزة ساكنة إلا أن يكون سكونها علامة للجزم مثل ننسئها وتَسُؤْكُمْ ويُهَيِّئْ لَكُمْ ومَنْ يَشَأِ ويُنَبِّئُهُمُ واقْرَأْ كِتابَكَ ونحوها فإنه لا يترك الهمزة فيها وروي عنه الهمزة أيضا في الساكنة وأما نافع فيترك كل همزة ساكنة ومتحركة إذا كانت فاء من الفعل نحو يُؤْمِنُونَ ولا يُؤاخِذُكُمُ واختلفت قراءة الكسائي وحمزة ولكل واحد منهم مذهب فيه يطول ذكره فالهمز على الأصل وتركه للتخفيف. (انظر: البقره، ۳)
اعْلَم ان ورشا كَانَ يسهل الْهمزَة المفردة سَوَاء سكنت اَوْ تحركت اذا كَانَت فِي مَوضِع الْفَاء من الْفِعْل فالساكنة نَحْو قَوْله يَأْخُذ و يَأْكُل و يألمون و لقاءنا ائْتِ و يُؤمن و الْمُؤْمِنُونَ و ويؤثرون و يُؤْتونَ و والمؤتفكات و والمؤتفكة و الَّذِي اؤتمن و الْملك ائْتُونِي وَشبهه والمتحركة نَحْو قَوْله يؤده إِلَيْك و مُؤَجّلا و والمؤلفة و مُؤذن و يؤخرهم و لَا تُؤَاخِذنَا وَشبهه وَاسْتثنى من الساكنة وَتُؤْوِي إِلَيْك و الَّتِي تؤويه وَسَائِر بَاب الإيواء نَحْو المأوى و مأواهم و مأواكم و فأووا إِلَى الْكَهْف وَشبهه وَمن المتحركة لَا يؤده وتؤذهم وَكَذَلِكَ مآبا و مآب و مآرب و وَمَا تَأَخّر و فَأذن وَشبهه اذا كَانَت صَوتهَا الْفَا فهمز جَمِيع ذَلِك وَالْبَاقُونَ يحققون الْهمزَة فِي ذَلِك كُله ولابي عَمْرو وَحَمْزَة وَهِشَام مَذَاهِب اذْكُرْهَا بعد ان شَاءَ الله تَعَالَى. --التیسیر فی القرائات السبع، صص ۳۷- ۳۸--
اعْلَم ان ابا عَمْرو [بصري] كَانَ اذا قَرَأَ فِي الصلوة اَوْ ادرج قِرَاءَته اَوْ قَرَأَ بالادغام لم يهمز كل همزَة سَاكِنة سَوَاء كَانَت فَاء اَوْ عينا اَوْ لَا مَا نَحْو قَوْله يُؤمنُونَ و يؤلون و والمؤتفكات و بئس و بئْسَمَا و الذِّئْبوالبئر و (الرءيا) و (رءياك) و كدأب و جِئْت و جئْتُمْ و شِئْتُم و شِئْنَا و (فادارءتم) و اطمأننتم وَشبهه الا ان يكون سُكُون الْهمزَة للجزم نَحْو (أَو ننسأها) و تسؤهم و إِن نَشأ و ويهيئ لكم وَشبهه وَجُمْلَته تِسْعَة عشر موضعا اَوْ يكون للْبِنَاء نَحْو أنبئهم و اقْرَأ و (أرجئه) وهيىء وَشبهه وَجُمْلَته اُحْدُ عشر موضعا اَوْ يكون ترك الْهَمْز فِيهِ اثقل من الْهَمْز وَذَلِكَ فِي قَوْله عز وَجل (تؤى) و (تؤيه) اَوْ يكون يُوقع الالتباس بِمَا لَا يهمز وَذَلِكَ فِي قَوْله (ورءيا) اَوْ يكون يخرج من لُغَة الى لُغَة وَذَلِكَ فِي قَوْله مؤصدة فان ابْن مُجَاهِد كَانَ يخْتَار تَحْقِيق الْهَمْز فِي ذَلِك كُله من اجل تِلْكَ الْمعَانِي وَبِذَلِك قَرَأت فاذا تحركت الْهمزَة نَحْو قَوْله يؤلف و مُؤذن و يؤخرهم وَشبهه فَلَا خلاف عَنهُ فِي تَحْقِيق الْهمزَة فِي ذَلِك كُله وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.
(التیسیر فی القرائات السبع، ص۳۹--
وَتفرد حَمْزَة بتسهيل الْهمزَة المتوسطة وَلذَلِك احكام انا ابينها ان شَاءَ الله اعْلَم ان الْهمزَة اذا توسطت وسكنت فَهِيَ تبدل حرفا خَالِصا فِي حَال تسهيلها كَمَا تقدم وَلَك نَحْو قَوْله تَعَالَى الْمُؤْمِنُونَ و يؤفكون والرءيا و تَسُؤْكُمْ و يَأْكُلُون و كدأب و الذِّئْب والبئر و بئس وَشبهه وَكَذَلِكَ الَّذِي اؤتمن و لقاءنا ائْتِ و فِرْعَوْن ائْتُونِي وَشبهه وَاخْتلف اصحابنا فِي ادغام الْحَرْف الْمُبدل من الْهمزَة وَفِي اظهاره فِي قَوْله (ورءيا) و (تؤى) و (تؤيه) فَمنهمْ من يدغم اتبَاعا لِلْخَطِّ وَمِنْهُم من يظْهر لكَون الْبَدَل عارضا والوجهان جائزان واحتلف اهل الْأَدَاء ايضا فِي تَغْيِير حَرَكَة الْهَاء مَعَ ابدال الْهمزَة يَاء قبلهَا فِي قَوْله أنبئهم و ونبئهم فَكَانَ بَعضهم يرى كسرهَا من اجل الْيَاء وَكَانَ آخَرُونَ يقرونها على ضمتها لَان الْيَاء عارضة وهما صَحِيحَانِ. --التیسیر فی القرائات السبع، ص۴۰)
كَانَ نَافِع وَابْن كثير وَعَاصِم وَابْن عَامر وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ يهمزون يُؤمنُونَ وَمَا أشبه ذَلِك مثل يَأْكُلُون الْبَقَرَة ١٧٤ ويأمرون آل عمرَان ٢١ ويُؤْتونَ الْمَائِدَة ٥٥ سَاكِنة كَانَت الْهمزَة أَو متحركة مثل ويؤخركم إِبْرَاهِيم ١٠ ويؤده آل عمرَان ٧٥ إِلَّا أَن حَمْزَة كَانَ يسْتَحبّ ترك الْهَمْز فِي الْقُرْآن كُله إِذا أَرَادَ أَن يقف وَالْبَاقُونَ يقفون بِالْهَمْز كَمَا يصلونَ. وروى ورش عَن نَافِع ترك الْهَمْز السَّاكِن فِي مثل يُؤمنُونَ وَمَا أشبه ذَلِك وَكَذَلِكَ المتحرك مثل ويؤخركم ولَا يُؤَاخِذكُم الْبَقَرَة ٢٢٥ ويؤده وَمَا كَانَ مثله. وَأما أَبُو عَمْرو فَكَانَ إِذا أدرج الْقِرَاءَة أَو قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يهمز كل همزَة سَاكِنة مثل يومنون ویومن الْبَقَرَة ٢٣٢ وياخذون الْأَعْرَاف ١٦٩ وَمَا أشبه ذَلِك وَقَالَ أَبُو شُعَيْب السُّوسِي عَن اليزيدي عَن أبي عَمْرو إِنَّه كَانَ إِذا قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يهمز كل همزَة سَاكِنة إِلَّا أَنه كَانَ يهمز حروفا من السواكن بِأَعْيَانِهَا أذكرها فِي موَاضعهَا إِذا مَرَرْت بهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَإِذا كَانَ سُكُون الْهمزَة عَلامَة للجزم لم يتْرك همزها مثل أَو ننسأها الْبَقَرَة ١٠٦ وتَسُؤْكُمْ الْمَائِدَة ١٠١ وهيئ لنا الْكَهْف ١٠ واقْرَأ كتابك الْإِسْرَاء ١٤ ويهيئ لكم الْكَهْف ١٦ وَمن يَشَأْ يَجعله الْأَنْعَام ٣٩ ونبئهم الْحجر ٥١ وَمَا أشبه ذَلِك. وروى الشموني مُحَمَّد بن حبيب عَن الْأَعْشَى عَن أبي بكر عَن عَاصِم أَنه لم يكن يهمز الْهمزَة الساكنة مثل يومنون وَمَا أشبههَا من السواكن. قَالَ أَبُو بكر حَدثنِي مُحَمَّد بن عِيسَى بن حَيَّان قَالَ حَدثنَا أَبُو هِشَام قَالَ سَمِعت أَبَا يُوسُف الْأَعْشَى يقْرَأ على أبي بكر فهمز يُؤمنُونَ وَحدثنَا ابْن حَيَّان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد أَبُو هِشَام عَن سليم عَن حَمْزَة أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يكن يهمز. --السبعة فی القرائات، صص۱۳۲- ۱۳۳--
و[كَانَ أَبُو عَمْرو] يدغم النُّون فِي اللَّام إِذا تحرّك مَا قبلهَا مثل لن نؤمن لَك الْبَقَرَة ٥٥ وَتبين لكم إِبْرَاهِيم ٤٥ فَإِن سكن مَا قبلهَا لم يدغم مثل قَوْله وَتَكون لَكمَا يُونُس ٧٨ وقد كَانَ لكم آل عمرَان ١٣. --السبعة فی القرائات، ص۱۱۸--