قرأ حمزة، وأبوجعفر إلا أن يخافا بضم الياء، والباقون بفتحها. --التبيان في تفسير القرآن، ج۲، ص۲۴۲--
حجّت
وأما من قرأ بالفتح، فالمعنى أنه إذا خاف: من كل واحد من الزوج والمرأة ألا يقيما حدود الله حل الافتداء، ولايحتاج في قولهم إلى تقدير الجار، لان الفصل يقتضي مفعولا يتعدى إليه، كما اقتضى في قوله: فلا تخافوهم وخافون ولابد من تقدير الجار في قراءة من ضم الياء، لان الفعل قد استند إلى المفعول، فلا يتعدى إلى المفعول الاخر إلا بالجار.
قال أبوعلي: فأما ما قاله الفراء في قول حمزة إلا أن يخافا من أنه اعتبر قراءة عبدالله إلا أن يخافوا فلم ينصبه، لان الخوف في قول عبدالله واقع على (أن). وفي قراءة حمزة على الرجل، والمرأة، وحال الخوف التي معه. --التبيان في تفسير القرآن، ج۲، ص۲۴۶--
قرأ أبو جعفر وحمزة إلا أن يخافا بضم الياء والباقون بفتحها. --مجمع البيان في تفسير القرآن، ج۲، ص۵۷۶--
حجّت
خاف فعل يتعدى إلى مفعول واحد وذلك المفعول يكون أن وصلتها نحو قوله تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ويكون غيرها نحو قوله تَخافُونَهُمْ فوجه قراءة حمزة إلا أن يخافا أنه لما بني الفعل للمفعول به أسند الفعل إليه فلم يبق شيء يتعدى إليه فأما أن من قوله أَلَّا يُقِيما فإن الفعل يتعدى إليه بالجار كما تعدى بالجار في قوله:
ولو خافك الله عليه حرمه
وموضع أن في الآية جر بالجار المقدر على قول الخليل والكسائي ونصب في قول سيبويه وأصحابه إلا أنه لما حذف الجار وصل الفعل إلى المفعول الثاني مثل أستغفر الله ذنبا وأمرتك الخير فقراءته مستقيمة على ما رأيت فإن قال قائل لو كان يخافا كما قرأ لكان ينبغي أن يكون فإن خيفا قيل لا يلزمه هذا السؤال لمن خالفه في القراءة لأنهم قد قرءوا إلا أن يخافا ولم يقولوا فإن خافا وليس يلزم هذا السؤال جميعهم لأمرين (أحدهما) أنه انصرف من الغيبة إلى الخطاب كما قال الْحَمْدُ لِلَّهِ ثم قال إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ وهذا النحو كثير في التنزيل وغيره (و الآخر) أن يكون الخطاب في قوله فَإِنْ خِفْتُمْ مصروفا إلى الولاة والفقهاء الذين يقومون بأمور الكافة وجاز أن يكون الخطاب للكثرة فيمن جعله انصرافا من الغيبة إلى الخطاب لأن ضمير الاثنين في يخافا ليس يراد به اثنان مخصوصان إنما يراد به أن كل من كان هذا شأنه فهذا حكمه فأما من قرأ «يَخافا» بفتح الياء فالمعنى أنه إذا خاف كل واحد من الزوج والمرأة أن لا يقيما حدود الله حل الافتداء. --مجمع البيان في تفسير القرآن، ج۲، ص۵۷۶--
وقرئ إلا أن يخافا، على البناء للمفعول وإبدال أن لا يقيما من ألف الضمير، وهو من بدل الاشتمال كقولك: خيف زيد تركه إقامة حدود اللَّه. ونحوه وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا
ويعضده قراءة عبد اللَّه إلا أن تخافوا وفي قراءة أبىّ: إلا أن يظنا. --الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، ج۱، ص۲۷۵--
قرأ أبي: إلّا أن يظنا.
وقرأ عبد اللّه: إلّا أن يخافوا أن لا يقيموا حقوق.
وروي عن عبد اللّه أنه قرأ أيضا: إلّا أن تخافوا بالتاء.
وقرأ حمزة، ويعقوب، ويزيد بن القعقاع؛ إلّا أن يخافوا، بضم الياء، مبنيا للمفعول، والفاعل المحذوف: الولاة. --البحر المحيط فى التفسير، ج۲، ص۴۷۱--
وأما قوله: فوجب أن يقال: فإن خيفا فلا يلزم، لأن هذا من باب الالتفات، وهو في القرآن كثير، وهومن محاسن العربية، ويلزم من فتح الياء أيضا على قول الصفار أن يقرأ: فإن خافا، وإنما هو في القراءتين على الالتفات، وأما تخطئة الفراء فليست صحيحة، لأن قراءة عبد اللّه: إلّا أن يخافوا، دلالة على ذلك، لأن التقدير: إلّا أن يخافوهما أن لا يقيما، والخوف واقع في قراءة حمزة على أن، لأنها في موضع رفع على البدل من ضميرهما، وهو بدل الاشتمال كما قررناه قبل، فليس على ما تخيله أبو علي، وذلك كما تقول: خيف زيد شره، وأما قوله: يبعد من جهة المعنى، فقد تقدّم الجواب عنه، وهو أن لهما المنع من ذلك، فمتى ظنوا أو أيقنوا ترك إقامة حدود اللّه، فليس لهم المنع من ذلك، وقد اختار أبو عبيدة قراءة الضم، لقوله تعالى: فإن خفتم، فجعل الخوف لغير الزوجين، ولو أراد الزوجين لقال: فإن خافا. --البحر المحيط فى التفسير، ج۲، ص۴۷۳--
حجّت
و أنشد:
أتاني كلام من نصيب بقوله/ وما خفت يا سلام أنك عائبي
والأصل: إلّا أن يخافوا، أنها: الولاة، عدم إقامتهما حدود اللّه. وقال ابن عطية: في قراءة يخافا بالضم، أنها تعدت خاف إلى مفعولين: أحدهما أسند الفعل إليه، والآخر بتقدير حرف جر بمحذوف، فموضع أن خفض الجار المقدر عند سيبويه، والكسائي، ونصب عند غيرهما، لأنه لما حذف الجار المقدر وصل الفعل إلى المفعول الثاني، مثل: استغفر اللّه ذنبا، وأمرتك الخير. انتهى كلامه. وهو نص كلام أبي علي الفارسي نقله من كتابه، إلا التنظير باستغفر، وليس بصحيح تنظير ابن عطية خاف باستغفر، لأن خاف لا يتعدى إلى اثنين، كاستغفر اللّه، ولم يذكر ذلك النحويون حين عدوا ما يتعدى إلى اثنين، وأصل أحدهما بحرف الجر، بل إذا جاء: خفت زيدا ضربه عمرا، كان ذلك بدلا، إذ: من ضربه عمرا كان مفعولا من أجله، ولا يفهم ذلك على أنه مفعول ثان، وقد وهم ابن عطية في نسبة أن الموضع خفض في مذهب سيبويه، والذي نقله أبو علي وغيره أن مذهب سيبويه أن الموضع بعد الحذف نصب، وبه قال الفراء، وأن مذهب الخليل أنه جر، وبه قال الكسائي. وقدّر غير ابن عطية ذلك الحرف المحذوف: على، فقال: والتقدير إلّا أن يخافا على أن يقيما، فعلى هذا يمكن أن يصح قول أبي علي وفيه بعد. وقد طعن في هذه القراءة من لا يحسن توجيه كلام العرب، وهي قراءة صحيحة مستقيمة في اللفظ وفي المعنى، ويؤيدها قوله بعد: فإن خفتم، فدل على أن الخوف المتوقع هومن غير الأزواج، وقد اختار هذه القراءة أبو عبيد.
قال أبو جعفر الصفار: ما علمت في اختيار حمزة أبعد من هذا الحرف لأنه لا يوجبه الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى، أما الإعراب فإن يحتج له بقراءة عبد اللّه بن مسعود: إلّا أن يخافوا أن لا يقيموا، فهو في العربية إذ ذاك لما لم يسم فاعله، فكان ينبغي أن لو قيل إلّا أن يخافا أن لا يقيما؟ وقد احتج الفراء لحمزة، وقال: إنه اعتبر قراءة عبد اللّه: إلّا أن يخافوا، وخطأه أبو علي، وقال: لم يصب، لأن الخوف في قراءة عبد اللّه واقع على: أن؛ وفي قراءة حمزة واقع على الرجل والمرأة، وأما اللفظ فإن كان صحيحا فالواجب أن يقال: فإن خيفا، وإن كان على لفظ: فإن، وجب أن يقال إلّا أن يخافوا. وأما المعنى فإنه يبعد أن يقال: لا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهنّ شيئا إلّا أن يخاف غيركم، ولم يقل جل وعزّ. --البحر المحيط فى التفسير، ج۲، ص۴۷۲--
وَاخْتلفُوا فِي ضم الْيَاء وَفتحهَا من قَوْله إِلَّا أَن يخافا ۲۲۹ فَقَرَأَ حَمْزَة وَحده يخافا بِضَم الْيَاء وَقَرَأَ الْبَاقُونَ يخافا بِفَتْح الْيَاء.--السبعة فی القرائات، ص۱۸۳--
واخْتلفُوا فِي الْمَدّ للهمز. فَقَالَ أَحْمد بن يزِيد عَن قالون عَن نَافِع إِنَّه كَانَ لَا يمد حرفا لحرف وَكَانَ يُمكن الْيَاء الساكنة الَّتِي بعْدهَا همزَة وَقبلهَا كسرة مثل وَفِي أَنفسكُم الذاريات ٢١َ وَالْألف الَّتِي بعْدهَا همزَة مثل بِمَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك الْبَقَرَة ٤ وَالْوَاو الساكنة الَّتِي بعْدهَا همزَة وَقبلهَا ضمة مثل قَالُوا آمنا الْبَقَرَة ١٤ وَلَا تَعْتَدوا إِن الله الْبَقَرَة ١٩٠ حَتَّى يتم الْيَاء وَالْوَاو وَالْألف من غير مد. فَإِذا كَانَت الْهمزَة من الْكَلِمَة مثل من السَّمَاء مَاء الْبَقَرَة ٢٢ وجفَاء الرَّعْد ١٧ وغثاء الْمُؤْمِنُونَ ٤١ وسيئت الْملك ٢٢ وَجِيء بالنبيين الزمر ٦٩ ولتنوء بالعصبة الْقَصَص ٧٦ وتبوء بإثمي الْمَائِدَة ٢٩ السوأى أَن الرّوم ١٠ وأَضَاء لَهُم الْبَقَرَة ٢٠ وَمَا أشبه ذَلِك مد الْحُرُوف مدا وسطا بَين الْمَدّ وَالْقصر. وَلَا يهمز همزا شَدِيدا وَلَا يسكت على الْيَاء وَالْألف وَالْوَاو الَّتِي قبل الْهمزَة وَإِذا مدهن يصل الْمَدّ بِالْهَمْز ويمد ويحقق الْقِرَاءَة وَلَا يشدد وَيقرب بَين الْمَمْدُود وَغير الْمَمْدُود وَكَذَلِكَ كَانَ مَذْهَب ابْن كثير وَأبي عَمْرو.
وَأما عَاصِم فَلم يرو لنا أَن أحدا قَرَأَ على أبي بكر وَأخذ النَّاس الْقِرَاءَة عَنهُ بعد أبي بكر غير أبي يُوسُف الْأَعْشَى فَذكر أَنه كَانَ يمد مدا وَاحِدًا فِي كل الْحُرُوف لَا يفضل حرفا على حرف فِي مد وَكَانَ مده مشبعا ويسكت بعد الْمَدّ سكتة ثمَّ يهمز. -السبعة فی القرائات، ص۱۳۴--
وَكَانَ حَمْزَة يُمَيّز فِي الْمَدّ بَين الهمزتين المتفقتين المرفوعتين والمفتوحتين والمخفوضتين وَقَالَ خلف عَن سليم أطول الْمَدّ عِنْد حَمْزَة مَا كَانَ مثل تِلْقَاء أَصْحَاب الْأَعْرَاف ٤٧ وجَاءَ أحدهم الْمُؤْمِنُونَ ٩٩ وَكَذَلِكَ مَا أَتَى من الْهَمْز مَفْتُوحًا وَإِن كَانَ همزَة وَاحِدَة مثل يَا أَيهَا الْبَقَرَة ٢١ قَالَ وَالْمدّ الَّذِي دون ذَلِك خَائِفين الْبَقَرَة ١١٤ وَالْمَلَائِكَة الْبَقَرَة ٣١ ويَا بني إِسْرَائِيل الْبَقَرَة ٤٠ وأقصر الْمَدّ أُولَئِكَ الْبَقَرَة ٥.
ذكر لي ذَلِك الْحسن بن الْعَبَّاس بن أبي مهْرَان الرَّازِيّ قَالَ قَرَأت على أبي مُحَمَّد الْقَاسِم بن أَحْمد الْخياط الْكُوفِي قَالَ وَقَالَ لي قَرَأت على مُحَمَّد بن حبيب الشموني وَقَالَ الشموني قَرَأت على أبي يُوسُف الْأَعْشَى وَقَرَأَ أَبُو يُوسُف على أبي بكر وَأَخْبرنِي الْقَاسِم بن أَحْمد الْخياط فِي كِتَابه إِلَى أَنه قَرَأَ على مُحَمَّد بن حبيب الشموني الْقُرْآن كُله ثمَّ ذكر نَحوا مِمَّا ذكر الْحسن بن الْعَبَّاس عَنهُ. وَقَالَ عبد الله بن صَالح الْعجلِيّ عَن أبي بكر عَن عَاصِم أَنه كَانَ يمد حرفا بِحرف. حَدثنِي أَبُو جَعْفَر بن مُحَمَّد الْفرْيَابِيّ قَالَ حَدثنَا منْجَاب بن الْحَارِث قَالَ حَدثنَا شريك قَالَ كَانَ عَاصِم صَاحب همز وَمد وَقِرَاءَة شَدِيدَة وَحدثنَا الْجمال قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن يزِيد عَن عبد الله بن صَالح بذلك.وَأما الْكسَائي فَإِن مده كُله كَانَ وسطا بَين ذَلِك وَلَا يسكت على الْمَدّ قبل الْهمزَة وَمذهب ابْن عَامر كمذهب الْكسَائي فِي ذَلِك كُله وَقَالَ سليم قَالَ حَمْزَة إِذا مددت الْحَرْف ثمَّ همزت فالمد يجزىء عَن السكت قبل الْهمزَة وَقَالَ خَلاد عَن سليم عَن حَمْزَة الْمَدّ كُله وَاحِد. --السبعة فی القرائات، صص۱۳۵-۱۳۶--